ملتقى الخطباء: قضى فضيلة الشيخ سلطان بن حمد العويد خطيب جامع الإمام فيصل بن تركي بالدمام نحْبه -أمس الأحد- إثر حادث مروري أثناء عودته من المدينة النبوية إلى المنطقة الشرقية.
وقد شيع الفقيد آلاف المصلين عصر أمس الاثنين من مسجده بمنطقة الغاط الذي اكتظ بحشود قدموا من داخل وخارج المنطقة الشرقية للصلاة عليه في الجامع ذاته الذي كان الفقيد خطيبَ منبره، فيما أدى آلاف آخرون الصلاة عليه في المقبرة.
وكان الشيخ -رحمه الله- من أكثر الخطباء حضورًا على مستوى المنطقة الشرقية، كما كان من الدعاة المشهود لهم بحمل هموم الأمة، ومن أصحاب المشاريع التربوية، حيث يحظى بمتابعة واسعة لما تتميز به خطبه من بلاغة في الأسلوب وتأثير في المتلقين.
والشيخ العويد من مواليد مدينة الثقبة بالمنطقة الشرقية بتاريخ 15/4/1388هـ وهو من قارئي القرآن الكريم، حاصلٌ على بكالريوس من كلية أصول الدين قسم العقيدة ، وكان إمامًا وخطيبًا لجامع الإمام فيصل بن تركي بحي الجلوية في الدمام، وعضو مركز الدعوة والإرشاد في المنطقة الشرقية.
مشاهد من حياة الشيخ -رحمه الله-:
والشيخ -رحمه الله- كان رحَّالة؛ يحمل همّ أمته منذ أن أنار الله قلبه بالعلم والإيمان، فكان كثيرًا ما يتردد على مختلف بقاع العالم الإسلامي، فيومًا في بنجلاديش يقدّم دورة للدعاة، ويومًا يفتتح مسجدًا في السودان، وبعدها يحاضر في عدد من دول أوروبا، ثم يعود إلى اليمن يتفقد حال المحتاجين ومشاريعه الدعوية، حتى إنه ما ترك مجاهل إفريقيا حتى واقتحم فيها؛ حيث شارك في جمعية البصر في مخيماتها العلاجية في غالب دول إفريقيا.
وعلى صعيد قضايا الأمة وبؤر الأحداث في العالم الإسلامي فكان اهتمام الشيخ -رحمه الله- منصبًا عليها، بدءًا من فلسطين وكوسوفا ومرورًا بالشيشان والعراق وانتهاءً بالثورة السورية؛ حيث كان الشيخ -رحمه الله- ملاذ من حوله من الباحثين عن الموقف الصحيح تجاه حدث ما، أو المستفتين حول مواقفهم الحياتية أو المساعدة في مواجهة ضائقة مالية أو مشكلة اجتماعية. كل هؤلاء كانوا يجدون عند الشيخ الرأي المسدد والعلم الشرعي المؤصل والموقف الحكيم والدعم الذي غالبًا ما يكون فوق ما تمناه.
ومما يؤثر للشيخ -رحمه الله- أن كلية الشريعة قد اختارته معيدًا فيها لتفوقه وقوة استيعابه وحافظته؛ حيث كان أعلم من بعض مشايخه ومعلميه، ولكنه آثر الدعوة إلى الله، وانتقل لمركز الدعوة والإرشاد بالمنطقة الشرقية رغم قلة الراتب، حيث رأى أن المصلحة تقتضي وجوده في هذا الموضع.
ومما يذكره الدكتور محمد السعيدي في هذا السياق أن الشيخ الفقيد -رحمه الله- كان أحد المبرزين في العلم والفضل والأثر في الدعوة، وله سجية في حب الخفاء ومجاهدة النفس على تحري الإخلاص -رحمه الله-.
وذكر الدكتور منصور العيدي في مقال له (سلطان العويد (رحمه الله) وذكريات 20 عام) بأن من بركاته أنه صاحب فكرة الدروس الصيفية في المنطقة قبل أكثر من 20سنة وكان دون الثلاثين وعنه انتقلت إلى أنحاء البلاد.
فنسأل الله تعالى أن يرحم الشيخ، ويجعل مثواه جنات تجري من تحتها الأنهار، وأن يتقبله في الصالحين، وأن يرزق أهله الصبر والسلوان.