العينُ هلّت حسرةً ونحيبا *** والقلب نزّ مرارةً ووجيبا
ماللفضاءِ تحشرتْ أنفاسُه *** يبكي الفقيدَ.. وكان قبلُ رحيبا
أهذي كأني ما وُترتُ براحلٍ *** من قبلِ ذاكَ ولا فقدتُ حبيبا
ورحلتَ سلطانَ المنابرِ فاعتلى *** أفقَ الندى وجدٌ فصارَ كئيبا
رُبيّتَ محمودا، وعشت مسددا *** ورحلت معطاءً وغبتَ مَهيْبا
ياشيخُ لم تسمعْ نشيجَ أحبّةٍ *** ومصابُهم ألّم يروك مجيبا
لو كان للمحراب نطقٌ لاعتلت *** أنّاتهُ ورثى هناك نجيبا
قد كنتَ بالآياتِ تؤنسه كما *** قد كنت للصبّ العليلِ طبيبا
وكأنما الدمامُ أمٌ أُثكلتْ *** للتوِّ قرّةَ عينِها المحبوبا
ضجّت عليك نساؤها ورجالُها *** وبكتْ عليكَ طفولةً ومشيبا
غادرتها يا شيخ في عمر المنى*** كفّاك تندى بالعطاءِ قريبا
وبناك مرفوعٌ وغرسُك يانعٌ *** وسنا الهدى لايستحيلُ غروبا
لله ما أبديت أو أخفيته *** وكفى بربّكَ شاهدا وحسيبا
شحذَ العواطفَ واعظا، ولربما*** سلبَ العقول مُحدّثا وأديبا
مازلت توصي كيف نؤمن بالقضا *** أونستلذَ النازلَ المكتوبا
فمن الذي أنباك أن مصيبةً *** ستحلّ دار المسلمين قريبا؟!
ورحلت يا أسدَ المنابر لم نزلْ*** ظمأى..وخطبُك قد أثارَ خطوبا
إني لأشفقُ من فؤاد فارغٍ *** من أن يُفطّرَ إثركم فيذوبا
إن لم نثبكَ بشوقنا ودعائنا *** فكفى بربّك ذي الجلالِ مثيبا
هذي القوافي شيعتك فصغتَها*** نورا تدفق من هداكَ وطيبا
نستودع الله السماحة والتقى *** وحباكَ عيشا في الجنانِ خصيبا