twitterfacebookrssyoutube
مقال الشيخ خالد السبت عن صديقه سلطان العويد
الشيخ خالد بن عثمان السبت
عدد الزوار
: 5028
تاريخ الإضافة
: 16 ربيع الآخر 1434

"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد 

فإن أعمار الناس في هذه الحياة القصيرة إنما تُعتبر بأعمالهم فيها ، وهم متفاوتون في ذلك غاية التفاوت ( إن سعيكم لشتى ) ، وإنما الظَفَر والنَّجَح في استثمار الأنفاس في هذه الأعمار القصيرة  بأفضل المزاولات والأعمال التي تكون فاضلة  ترفع رصيد صاحبها عند الله تعالى ٠ 

ومن هنا  يقع التغابن بين الناس إذ إن ذلك من أجلى صوره  وأنواعه ٠

  وإنما يُعرف  ذلك غالبا بعد أن  يترجل الانسان ويرحل من هذه الدار فيشعر الناس بثلمة عند فقده قد لا تُسد  !! فتكون المصيبة بفقده عامة بقدر امتداد ظلال شجرة عمله وفروعها وأغصانها ٠

  وكلما كان النفع متعديا كان الأثر أعظم ، وحينما يكون الأثر لذلك العمل عميقا ( كأثر العلماء) فإن أثر فقده يكون عميقا٠

  وذلك لا يكون عادة الا لمن يحمل همًّا ونية ٠

 وقد رأينا في هذه الأيام  أثر فقد هؤلاء حين  أُصبنا بأخينا الشيخ سلطان بن حمد العويد - رحمه الله رحمة واسعة وأنزله المنازل العالية من الجنة  - فقد كان فقده مصيبة عامة لكل من عرفه وانتفع به ، فلطالما انتفع خلائق قُبالة منبره عبر سنين متطاولة تقرب من ربع قرن 

يعظهم فيها ويفقههم ويصحح مفاهيمهم وينير عقولهم بنور الوحي  بعبارة قريبة سهلة لا تستعصي على السامع ، فالجميع ينتفع ويعتبر ، فقد كان - رحمه الله- يحمل همّ الاصلاح ويعالج قضايا المجتمع ويعيش آلامهم ويوجههم في ملماتهم فأحبوه واجتمعوا حول منبره حتى ضاق بهم المسجد على سعته كما ضاقت الطرق الى المقبرة عند تشييع جنازته٠ 

  وقد عرفت مسجده قبل أن يتولى إمامته وعرفته بعده فلم يكن للمسجد اشتهار ومعرفة إلا بعد مجيئه فأحياه حقا وصار المسجد يوم الجمعة قبلة يؤمها الناس ٠

  ولم يكن ذلك في الجمعة فحسب بل كان المسجد وساحاته يمتلئ بالمصلين في رمضان مع طول الصلاة مقارنة بغيره  ، حيث كانت له قراءة مؤثرة ترق القلوب عند سماعها ، فإذا دعا في القنوت ذاك الدعاء المتتابع البليغ  -من غير تكلف - ود من خلفه ان لا يتوقف ٠

وإنما ذكرت ذلك  من أجل العبرة والفائدة في استثمار الأعمار والاتجار مع الله تعالى بأربح التجارات فيما بقي من آجالنا ، ووفاء لصحبة طويلة ٠

 وليس المقصود  الاسترسال في الثناء والحديث  عن شخصه وما يحمل من علم وغيرة  وبذل وكرم  واطلاع على أحوال عصره  ٠ 

  فالله اسأل أن يغمره بفيوضه ورحماته وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة ، وأن يعوض والدته الكريمة وأهله وولده وإخوانه ومحبيه خيرا إنه سميع مجيب"